التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سيارة رخيصة وحلوة..عرطة!



  اشتهر فواز النواز في الآونة الأخيرة ببيع وشراء السيارات عبر النت، خاصة بين زملائه في العمل. وبعد أن أقدم كثير من الزملاء على شراء سيارات مختلفة؛ تشجع عباس ، وقرر ان يشتري سيارة. 

 ولكنه كان متردد ، فهو لم يأخذ برأي زوجته بعد، ولم يدرس الموضوع من جميع جوانبه، لكنه وجد نفسه، وهو يتناول طعام العشاء، جالسا أمام فواز، الذي كان مشغولا كالعادة  في وصف ميزات إحدى السيارات لاحد الزملاء.  

قال عباس :

 ـ فواز، اريد منك سيارة رخيصة .. تقدر  تشتري لي سيارة عبر النت، رخيصة وحلوة؟

ـ عندي لك سيارة عرطة، بستمائة وخمسون دولار  بس !

ـ بكم ؟!

ـ بستمائة وخمسون دولار فقط .. عرطة أليس كذلك؟

ـ معقول ! ما نوع هذه السيارة ؟ لا بد وأنها منتهية تماماً ..!

ـ بالعكس .. انها الان تعرض في المزاد .. لحظة أريك صورتها، لن تصدق.. انتظر !

وأخرج هاتفه، وأراه الصور والسعر. كانت معروضة على موقع كوبارت المشهور.

 اندهش عباس من سعر السيارة الزهيد، وشكلها الجميل..

قال فواز:

ـ هل اشتريها لك .. سيشتريها شخص آخر إذا لم نشتريها ..أنه مزاد ولن تنتظر السيارة ! ماذا تقول ؟

ـ اشتريها .. اشتريها .. ارجوك .. انها عرطة العرطات!

ـ على بركة الله !

ـ انتظر .. تذكرت .. سيتبقى عليّ رسوم الشحن، أليس كذلك؟ 

ـ بالطبع بالإضافة الى الرسوم الروتينية!

ـ بالطبع .. كما أنه يجب أن ادفع لك رسوم اتعابك .. هذا ضروري !

ـ لا تشغل بالك برسوم المكتب .. ما بين الاحباب حساب!

ـ لا والله اتعاب المكتب سادفعها مثل أي زبون .. كم اتعاب المكتب؟

ـ سأخبرك في النهاية .. عند إتمام الصفقة .. سترى كم نتعب من أجل إيصال السيارة .. واننا نستحق كل بنس يدفعه العميل .. لكنك الآن تحتاج إلى إخراج السيارة من المزاد، وإلا ستدفع غرامة عن كل يوم تأخير ..دعنا نخرجها !

ـ أخرجها .. ماذا تنتظر ؟ 

ـ نحتاج أن ندفع أولاً تكلفة المزاد .. انتظر .. حسناً .. ها هي تكلفة المزاد.. مائة وخمسون دولار.

ـ اوه.. مائة وخمسون دولار.. حسنا .. فليكن .. ادفعها ..  أصبح سعر السيارة  الآن ثمانمائة دولار أليس كذلك ؟

ـ بالضبط .. رخيصة أليس كذلك؟

ـ بلى!

وأخذ  عباس يضرب الأرقام في رأسه، ثمانمائة في خمسمائة وخمسون ..ويحاول إيجاد رقم تقريبي .. لكن فواز قطع حبل أفكاره:

ـ لا تفكر عزيزي عباس ..المبلغ زهيد وتافه ولا يحتاج أن تشغل نفسك به!

ـ عفوا ماذا قلت ؟ 

ـ كنت أقول أنه بقي أن ندفع تكلفة النت والجيت؟ قرابة المائة والخمسون دولار!

ـ ماذا .. الانترنت والجيت .. ما هذا ؟ اليس النت مجانا اوووه !! وما هذه الجيت؟

ـ نعم .. لكن في المزادات هناك ما يسمى بتكلفة النت، وهي من مائة الى مائتين، وكذلك تكلفة الجيت.. البوابة يعني. تكلفة نقل السيارة من المزاد الى الخارج وأشياء من هذا القبيل.

ـ حسنا ادفعها .. وقل لي كم ستكون التكلفة النهائية؟ انا استأذنك الان نلتقي بعد ساعة ..بعد الصلاة!

ـ انتظر لحظة ! ألا تريد أن ترى كيف تتم عملية الشراء عبر النت ؟ كي ترى مقدار التعب الذي نبذله، في سبيل إيصال السيارة ؟

ـ ستخبرني انت بكل شيء .. أنا الآن على عجلة من امري!

بعد حوالي ساعة الا ربع .. أتى عباس الى غرفة زميله فواز يسأله:

 أين وصلت في عملية الشراء؟

ـ لقد أخرجنا السيارة من المزاد، وبعد قليل سيصل بها السائق الى الحوش .. هناك ستنتظر حتى يأتي موعد الشحن!

ـ وهذا السائق .. ألن يطلب مقابل توصيل السيارة ..اوه بالطبع، يا لغبائي!

ـ لا تقلق اخي عباس .. هذه مبالغ رمزية .. مائة دولار مقابل ايجار الحوش واخذ السيارة من المزاد وإرسالها الى الشحن ..انه مبلغ تافه مقارنة بالعمل الذي يقدمونه!

ـ بالفعل..بالفعل.. وكم تستغرق السيارة حتى تصل إلى هنا ؟

ـ ليس أكثر من شهرين .. اصبحنا الان نتعامل مع شركات شحن محترمة.

ـ شهرين .. أليس كثير يا اخي ؟!

ـ بالعكس، كانت السيارة تستغرق ما يقارب خمسة اشهر او اكثر .. اما الان .. الحمد لله.. كم كنا نعاني من شركة الشحن!!

ـ وكم تأخذ شركة الشحن مقابل اتعابها ؟

ـ ألف ومائتان وسبعون دولار .. لا ينقص دولار واحد.. انه سعر ثابت لأي سيارة !

ـ يا الله ..! كم ؟ هل قلت ألف ومائتان وسبعون دولار؟ 

ـ نعم .. هل أنت مندهش .. انه سعر ثابت .. حتى لو كانت السيارة بأقل من خمسمائة دولار..!

ـ اوووه يا الله .. لماذا لم تخبرني من البداية ؟ هذا كثير ..! كم سيصبح سعر السيارة الآن ؟

ـ لحظة، قلنا 800 والان 1270 يصبح المجموع 2070 دولار فقط..

ـ فقط .. وماذا أيضا يا فواز ؟ ارجو ان يكون هذا كل شيء؟

ـ يتبقى التأكد انها شُحنت، ونأخذ كل بيانات الشحن، ثم ننتظرها حتى تصل الى عمان. وهناك نقوم باستخلاصها من الميناء، ثم نجمركها ونحضرها الى هنا بالسلامة !

ـ يا الله .. انه مشوار طويل ..!

ـ إنك لا تدري مقدار التعب الذي نتعبه، خليها على الله!

ـ حسنا وكم هي اتعابكم . لم تخبرني ؟

ـ اتعابنا قليلة، 300 دولار فقط !

ـ اوووه

ـ طبعا لم اخبرك ان قيمة الجمارك لهذه السيارة لن يقل عن 500 دولار..حتى لا تقول انني فاجأتك ، ثم اجرة الذي يوصل السيارة من المنفذ اليمني، قرابة مائة ألف ريال يمني، وبذلك تصبح التكلفة الاجمالية، لحظة، ايوة،  3000 ثلاثة آلاف دولار بالتمام والكمال، رخيصة صح ؟

ـ كان وجه عباس قد عبر من اللون الأبيض إلى الأحمر إلى الأسود.. 

ـ ثلاثة الآف دولار يا فواز ؟! من 650 دولار الى ثلاثة الف.. خاف الله !!!

ـ عرطة .. صدقني أنك تستطيع أن تبيعها بسعر أعلى من ذلك ..لا تقلق !

ـ ما اسم هذه السيارة .. لقد نسيت ؟ 

ـ اسمها سيون .. اسم دلع .. اركبها وستعرف معنى الرفاهية !

ـ رفاهية ؟!

ـ في الحقيقة وحتى لا اكذب عليك .. ربما لن تكون فيها الرفاهية التي تنتظرها، كما أنها لا يمكن أن تكون اقتصادية في استهلاك البترول .. نظرا لسعرها المتدني، لكن اذا اردت سيارة اقتصادية وفل اوبشن، فما عليك الا ان تأتي الي وسأعطيك احسن سيارة، وسآخذ منك هذه السيارة، مع فارق بسيط في السعر. لا تقلق ابدا !!

ـ ما هذا يا فواز .. السيارة لم تصل بعد وانت تحدثني عن استبدالها بسيارة أخرى، دعني اجرب هذه السيارة أولا ..!

ـ حسنا اتفقنا !

انصرف عباس وهو يضرب ال3000 في 550 لينظر كم سيكون سعرها بالريال اليمني ... يا اله السماوات أكثر من مليون وخمسمائة الف ريال يمني .. كيف زاد عليّ بهذه السهولة .. كلعة!

......

اقرأ ايضاً :

مطاردة اب مع اسرته في سيارة


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من الطفل الذي امسكته بيدي؟

كنا جلوس انا وزوجتي واطفالي في الصالة ـ التي تتوسط البيت، في الدور الثاني ـ وكان الوقت قرابة الخامسة عصراً.. مندمجين، أنا وزوجتي، في مشاهدة فيلم امريكي على وشك الانتهاء.. بينما كان محمد ابن التاسعة وأمين ابن السابعة.. كانا مشغولين بلعبة على الايباد..  وبينما نحن كذلك إذ لمحت بطرف عيني اليسرى طفل صغير، في حوالي الرابعة من العمر، قادما من باب الشقة ـ الذي يبقى مفتوحاً عادةًـ ومباشرةً استدار يمينا ودخل غرفة النوم.  كان مستعجلا يريد إحضار شيء أو إدراك شيء ما..   والعجيب أننا لم نَعره اهتماما. لم نلتفت إليه حتى..  مرت برهة من الزمن، بعدها خالجني شعور ان الطفل قد تأخر في الداخل، لكن هذا الشعور تلاشى بسرعة، فقد انشغلت بمتابعة نهاية الفيلم التي كانت مثيرة للغاية.  وما ان انتهينا من مشاهدة الفلم، وأخذت اتمطى كالعادة؛ إذ بزوجتي تخاطب ابني الكبير:  ـ ادخل فانظر من دخل الغرفة.. لا تدعه يوقظ إبراهيم!   تذكرت عندها أن الطفل لم يخرج بعد ..!   كان إبراهيم ذو الثلاثة أعوام نائما، وكنا نظن أن الطفل الذي دخل هو أحد أطفال الجيران الصغار أو أحد أبناء أخ...

هل تنتقم ام تسامح؟

    قال الطبيب النفسي، وهو يبتسم ابتسامة هادئة: ـ خالد..! اريدك ان تحكي لي كل شيء، بالتفصيل..! ـ لا استطيع ان اتذكر كل شيء يا دكتور. ـ حسنا احكي لي ما تستطيع تذكره.! قال خالد: وصلنا اخيراً الى قمة الجبل، لم اكن اصدق اني سأصل إلى هذا الارتفاع. منذ ساعة ونصف ونحن نسير. نتوقف للحظات فقط، نلتقط أنفاسنا، ثم نعاود السير. صديقي الضخم والعملاق عباس هو الوحيد الذي وافق على مرافقتي ، او بالاصح هو من أجمع البقية على أن يرافقني.  قال لي صديقي محمد بان عباس هو الوحيد الذي يستمتع بالصعود الى اعلى الجبل ، وهو من يأخذ الزملاء الجدد ويريهم هذه القمة.     انا يا دكتور اعمل في الكويت، جئت قبل أسبوع. جئت لزيارة أصدقائي؛ لأنني منذ أن تخرجت وحصلت على عمل في الكويت لم ألتق بأحد.   قال الدكتور: ـ اذاً فقد صعدت مع عباس الى قمة الجبل، أهذا ما كنت تقوله؟  ـ نعم. في البداية لم اكن اريد الصعود، لكنني عندما سمعت صديقي العزيز محمد يقول انها شاهقة جداً، ولا احد يستطيع ان يصمد مع عباس في القمة أكثر من عشر دقائق، الكل ينهار.     دفعني ذلك إلى قبول الت...

انقذني يا أخي : مستوحاة من احداث حقيقية

قبل اكثر من 30 عاما، وفي قرية من قرى محافظة تعز . كان الوقت ظهراً، عندما احتشد ابناء القرية؛ يشيعون جنازة امرأة شابة ، لم تتجاوز العشرين من عمرها. حتى إذا وصل المشيعون إلى المجنة، وضعوا النعش بهدوء أمام الباب، وابتعدوا قليلاً. والمجنة مكان يشبه المغارة، تتسع لاكثر من ميت.   اقترب علي مقبل، اخو الفتاة الميتة، و كشف عن وجهها، وأخذ ينظر اليها بتجلد ، نظرة أخيرة. ثم قبّلها على جبهتها وحملها ووضعها بجوار عظام أمه وأبيه في  المجنة .    " بجوارك أبي وأمي، لن تستوحشي ..!"  كان يكلمها كمن هو موقن انها تسمع كلامه وكان موليا ظهره لكل من حضر الدفن، يحاول ان يبدو متجلداً. لكن دمعة متمردة هربت من عينه على حين بغته، فانسحب من داخل المجنة. وبدأ يبني بابها وأقبل الكل يساعده وما أن انتهى حتى التف الناس من حوله يعزوه، ويوصوه بالصبر والاحتساب، ثم انصرفوا به راجعين الى القرية وهم يواسوه طوال الطريق.   وفي العصر أقبل الأخ يرش قليلا من الماء على باب المجنة كي يتماسك الاسمنت مع الحجارة، ثم قرأ الفاتحة وذهب ... كان الحزن قد هده، ومن خلفه كان السكون القاتل الذي يب...

الكل واحد

  بالأمس سمعت لسادغورو ، وكل مرة استمع لهذا الرجل اعي شيء جديد. بدأ محاضرته بمقولة لابن الرومي، تتكلم عن المحبة ، عن مرحلة او حالة وجدانية ، يعيش فيها المرء بالحب وللحب ويشع حباً.  لكن سادغور قال بان ذلك ليس هو الهدف، هذه النشوة والمتعة، التي يصل اليها المتنور او العارف، ليست هي الهدف بل هي طريق؛ للوصول الى الهدف..  طريق ربما يكون ممتعا ، وربما لشدة متعته ينسيك ويشغلك عن الهدف، يجب ان لا تنسى الهدف ، حيث لا متعة ، حيث لا ارتباط بالماديات ، والأفكار ، حيث يستوي عندك الممتع بـ المفجع ، حيث لا أفكار تؤرقك ولا نشوة تفرحك، حيث لا يوجد شيء اسمه انا وانت ، حيث ترتبط بالمطلق ، حيث الكل واحد..!

مطاردة : قصة اب مع اسرته في سيارة

  الساعة حوالي العاشرة صباحاً، وانا في بنك اليمن الدولي ـ فرع الحصبة ـ حاملاً معي أربعة شيكات، موقّعة جاهزة، ينقصها توقيع مدير الفرع.  كنت أتوقع ان يقابلني بالرفض؛ نظرا لان المبلغ كبير نوعاً ما، أربعة ملايين.. لكنني فوجئت بتعاونه.. وافق على صرف ثلاثة شيكات من الأربعة. بصراحة لم أتوقع منه أكثر من ذلك.  شكرته على تعاونه معي، لكنني وقبل ان اخرج من مكتبه تذكرت حجم النقود التي سأحملها، فعدت اليه ارجوه ان تكون فئة العملة النقدية من ذوات الألف ريال، أخبرته ان وضع البلاد غير آمن وان مثل هذا المبلغ ـ إذا ما كانت الفئة النقدية أقل من ذلك ـ سيبدو كبيراً وملفتاً داخل الكيس.. لكنه اعتذر: ـ" ثُلث المبلغ فقط أبو خمسمائة، لا تكن طماع! اعطيناك هذا المبلغ وما عندنا سيولة "  ـ "لكن يا مدير كما تعلم.. سأكون عرضة للخطر وانت خير من يقدر الظروف!" ـ " ولماذا؟ ألم تحضر أحداً معك؟ انت غلطان! هل معك سلاح؟ هل معك آلي او مسدس؟" ـ " لا ".. فقال لي بنبرة جادة تنم عن روح النصيحة: ـ " خذ الفلوس ولا تتوقف في أي مكان! "    عندها تعاظم خوفي، وشعرت بالندم يجتاحني فجأة، لكن...