التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠٢٤

هل تنتقم ام تسامح؟

    قال الطبيب النفسي، وهو يبتسم ابتسامة هادئة: ـ خالد..! اريدك ان تحكي لي كل شيء، بالتفصيل..! ـ لا استطيع ان اتذكر كل شيء يا دكتور. ـ حسنا احكي لي ما تستطيع تذكره.! قال خالد: وصلنا اخيراً الى قمة الجبل، لم اكن اصدق اني سأصل إلى هذا الارتفاع. منذ ساعة ونصف ونحن نسير. نتوقف للحظات فقط، نلتقط أنفاسنا، ثم نعاود السير. صديقي الضخم والعملاق عباس هو الوحيد الذي وافق على مرافقتي ، او بالاصح هو من أجمع البقية على أن يرافقني.  قال لي صديقي محمد بان عباس هو الوحيد الذي يستمتع بالصعود الى اعلى الجبل ، وهو من يأخذ الزملاء الجدد ويريهم هذه القمة.     انا يا دكتور اعمل في الكويت، جئت قبل أسبوع. جئت لزيارة أصدقائي؛ لأنني منذ أن تخرجت وحصلت على عمل في الكويت لم ألتق بأحد.   قال الدكتور: ـ اذاً فقد صعدت مع عباس الى قمة الجبل، أهذا ما كنت تقوله؟  ـ نعم. في البداية لم اكن اريد الصعود، لكنني عندما سمعت صديقي العزيز محمد يقول انها شاهقة جداً، ولا احد يستطيع ان يصمد مع عباس في القمة أكثر من عشر دقائق، الكل ينهار.     دفعني ذلك إلى قبول الت...

الغيرة القاتلة

  في حارة من حواري صنعاء، عندما كانت الساعة تقترب من الواحدة ظهراً، تعالت صرخات طفلان يستنجدان. ولد في الحادية عشر من عمره واخته في التاسعة. كانا يطلان برأسيهما من خلال قضبان حديدية لنافذة البيت المطلة على الشارع، متشبثان بالقضبان يصرخان: ـ أنقذونا.. أنقذونا! طفلان جميلان، بعيون زرقاء تغطيها الدموع!    في البدء لم يستطع أحد ـ من المارة او الجيران الذين اقتربوا من الطفلين ـ ان يفهم شيئا، لاختلاط الصراخ بالبكاء، ثم أخيرا أمكنهم ان يفهموا هاتين الكلمتين" امنا جنت، أنقذونا.. آآآآآ!"     اخذ أحد الجيران يهدئهم، ويخاطبهما باسميهما " سامي.. سما.. اشرحا لي ما الذي حدث؟ لماذا تصرخان؟" وقبل ان يقولا كلمة واحدة؛ تفاجئ الجميع بصوت يأتي من النافذة الأخرى للبيت، كان الصوت انثوياً غاضباً: ـ من يقترب من ابنائي سأقتله، ومن يقترب من باب بيتي سأقتله! ولقّمت البندقية التي كانت تحملها، وفتحت الأمان، فتدافع الناس متراجعين للخلف! كانت المرأة تحدثهم من الغرفة الأخرى، يفصل بينها وبين غرفة الاطفال صالة تؤدي الى جميع الغرف كما تؤدي الى الباب الرئيسي للبيت الذي كان مطلاً على...

انقذني يا أخي : مستوحاة من احداث حقيقية

قبل اكثر من 30 عاما، وفي قرية من قرى محافظة تعز . كان الوقت ظهراً، عندما احتشد ابناء القرية؛ يشيعون جنازة امرأة شابة ، لم تتجاوز العشرين من عمرها. حتى إذا وصل المشيعون إلى المجنة، وضعوا النعش بهدوء أمام الباب، وابتعدوا قليلاً. والمجنة مكان يشبه المغارة، تتسع لاكثر من ميت.   اقترب علي مقبل، اخو الفتاة الميتة، و كشف عن وجهها، وأخذ ينظر اليها بتجلد ، نظرة أخيرة. ثم قبّلها على جبهتها وحملها ووضعها بجوار عظام أمه وأبيه في  المجنة .    " بجوارك أبي وأمي، لن تستوحشي ..!"  كان يكلمها كمن هو موقن انها تسمع كلامه وكان موليا ظهره لكل من حضر الدفن، يحاول ان يبدو متجلداً. لكن دمعة متمردة هربت من عينه على حين بغته، فانسحب من داخل المجنة. وبدأ يبني بابها وأقبل الكل يساعده وما أن انتهى حتى التف الناس من حوله يعزوه، ويوصوه بالصبر والاحتساب، ثم انصرفوا به راجعين الى القرية وهم يواسوه طوال الطريق.   وفي العصر أقبل الأخ يرش قليلا من الماء على باب المجنة كي يتماسك الاسمنت مع الحجارة، ثم قرأ الفاتحة وذهب ... كان الحزن قد هده، ومن خلفه كان السكون القاتل الذي يب...